ديربي سوس في المنفى.. حين تُكشف مباراة واحدة أزمة البنية التحتية بجهة سوس ماسة!!

متابعة/ مصطفى رمزي

في مشهدٍ غير مسبوق، يُجرى أول ديربي سوسي في تاريخ القسم الاحترافي الأول بين حسنية أكادير وأولمبيك الدشيرة بعيداً عن أرض سوس، وتحديداً بملعب البشير بمدينة المحمدية، بعدما تعذّر تنظيم اللقاء داخل الجهة بسبب غياب ملعب مؤهل لاستضافة مباريات البطولة الاحترافية.

القرار الذي كان من المنتظر أن يكون حدثاً رياضياً وتاريخياً لسوس ماسة، تحوّل إلى رمزٍ للإحباط الجماهيري، إذ حُرم عشاق الفريقين من عيش أول مواجهة رسمية بينهما في أجوائهم المحلية، بسبب إغلاق ملعب أدرار الكبير منذ أسابيع في إطار التحضيرات الجارية لاستضافة المغرب لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025.

غياب ملعب بديل مؤهل في جهة تُعد من أبرز المناطق الرياضية بالمغرب يطرح أسئلة جوهرية حول واقع البنية التحتية الرياضية بسوس ماسة. فبالرغم من أن الجهة تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة، ونوادٍ تنشط في مختلف الأقسام الوطنية، يبقى الاعتماد على ملعب واحد نقطة ضعف صارخة كشفتها أزمة التحضيرات القارية.

إغلاق أدرار لأشهر طويلة دون توفير بدائل واضحة جعل الحسنية وأولمبيك الدشيرة أمام خيارٍ وحيد: اللعب خارج الديار، حتى في مباريات تُصنَّف محلياً كـ”ديربي جهوي” يفترض أن يكون عرساً جماهيرياً واقتصادياً للمنطقة.

الرمزية كانت كبيرة؛ حسنية أكادير، ممثلة المدينة العريقة في البطولة، تلتقي لأول مرة بجارها أولمبيك الدشيرة الذي حقق حلم الصعود التاريخي هذا الموسم إلى القسم الاحترافي الأول. لكنّ الفرحة لم تكتمل، فبدلاً من أن يحتشد الآلاف بمدرجات أدرار أو ملعب بديل في إنزكان أو تيزنيت أو تارودانت، وجد الجمهور السوسي نفسه مجبراً على متابعة “ديربيه الأول” عبر الشاشة، في ملعب يبعد مئات الكيلومترات عن دياره.

من غير المعقول أن تُحرم جهة بأكملها من احتضان مباراة بهذا الحجم. كان هذا الديربي فرصة لإبراز الوجه الرياضي والثقافي لسوس، لكنه اليوم يُلعب وكأنه لقاء عادي في أرض محايدة.

القضية تتجاوز مجرد مباراة كرة قدم، فهي تعكس الحاجة الملحّة لإعادة النظر في خريطة التجهيزات الرياضية بالجهة التي ساهمت في إنجاب أسماء كبيرة في الكرة الوطنية. فمن غير المنطقي في سنة 2025 أن تظل جهة بحجم سوس ماسة رهينة ملعبٍ واحد (لولا سونارجيس)، خصوصاً في ظل التوجه الوطني نحو توزيع التنمية الرياضية بشكل متوازن بين الجهات.

كما أن غياب الملاعب المؤهلة يُفقد الفرق المحلية عامل الأرض والجمهور، ما يؤثر على نتائجها وحماسها، ويزيد من الأعباء المالية المرتبطة بالتنقل والإقامة. وقد عبّر الجمهور السوسي عبر المنصات الاجتماعية عن خيبة أمل كبيرة، معتبرين أن “الديربي الذي انتظروه لعقود” يُلعب خارج مدينتهم في سابقةٍ تُفقد الحدث نكهته الخاصة.

وطالب العديد من المتابعين بضرورة الإسراع في تأهيل ملاعب الجهة، خاصة ملاعب إنزكان والدشيرة وتيزنيت وتارودانت واشتوكة، لتكون جاهزة مستقبلاً لاستقبال المباريات الاحترافية وتخفيف الضغط عن أدرار.

ديربي سوس الأول سيبقى في التاريخ، لكن لا لنتيجته الرياضية فقط، بل لأنه سلّط الضوء على هشاشة البنيات التحتية الرياضية في الجهة. وقد تكون هذه الحادثة جرس إنذار للمسؤولين بالمغرب عامة، بأن تنمية الرياضة لا تتوقف عند تدشين ملعبٍ كبير، بل تتطلب رؤية شمولية تُوزّع الاستثمارات وتُقرّب الفُرص من كل المدن. ففي النهاية، لا يمكن أن يكون الحدث السوسي الأبرز خارج سوس.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.