أكادير بدون ملعب: أزمة بنيوية تُهدّد تاريخ حسنية أكادير
حميد الدوبلالي
رغم أن مدينة أكادير تُعتبر إحدى الحواضر الاقتصادية والسياحية البارزة في المملكة المغربية، فإنها تعيش مفارقة صارخة على المستوى الرياضي، حيث يجد فريقها العريق حسنية أكادير نفسه، للموسم الثاني على التوالي، بدون ملعب رسمي لاستقبال خصومه في البطولة الوطنية الاحترافية “إنوي”.
فمع الإعلان عن اغلاق ملعب أدرار من جديد استعدادًا لاحتضان منافسات كأس إفريقيا للأمم نهاية السنة الجارية، يجد “الغزالة السوسية” نفسه في مواجهة نفس السيناريو الذي عاشه الموسم الماضي، عندما اضطر إلى الترحال بين ملاعب برشيد والمحمدية، في مشهد غريب لفريق يُمثل مدينة بحجم أكادير، ويرأس مجلسها الجماعي عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية.
تأثير هذه الأزمة البنيوية لم يكن نظريًا أو معنويًا فقط، بل كانت له انعكاسات مباشرة على مستوى الفريق، حيث عانى حسنية أكادير الموسم الماضي من تدهور كبير في الأداء والنتائج، كاد يكلّفه النزول إلى القسم الثاني، لولا فوزه الصعب في مباراة السد التي أنقذته في الرمق الأخير.
اللاعبون والمدربون، وفق مصادر مقربة، اشتكوا مرارًا من انعدام الاستقرار، والتأثير السلبي للتنقل المستمر على الأداء البدني والذهني، ناهيك عن افتقاد الفريق لجمهوره المحلي الذي يُعد أحد أهم عوامل التحفيز في الكرة الحديثة.
السؤال الجوهري الذي يطرحه متابعو الشأن الرياضي في سوس هو: كيف لمدينة يرأس مجلسها رئيس الحكومة أن تعجز عن توفير ملعب واحد بمعايير وطنية على الأقل؟
ملعب أدرار، ورغم كونه من البنى التحتية الرياضية الحديثة، فإن استعماله الحصري في المناسبات الكبرى، وتكرار إغلاقه لأشغال التهيئة أو الاستعدادات الدولية، يبرز فشلًا واضحًا في برمجة وتدبير المنشآت الرياضية في المدينة.
وإذا كانت الدولة قد راهنت على أكادير كمدينة لاحتضان تظاهرات دولية، فكان الأجدر بمسؤوليها، سواء المحليين أو المركزيين، التفكير في بدائل من خلال إنشاء ملاعب تدريبية أو ملعب ثانٍ بمواصفات جيدة على الأقل، لتجنب هذا الوضع الشاذ.
في خضم هذه الأزمة، يبقى الجمهور السوسي هو الضحية الكبرى، حيث يُحرم من متابعة فريقه على أرضه، كما يُحرم الفريق من دفء مدرجاته.
كما أن استمرار هذا الوضع يهدد مستقبل الفريق على المدى المتوسط، إذ يصعب استقطاب لاعبين مميزين أو الحفاظ على المواهب المحلية في ظل غياب البنية التحتية المناسبة.
وفي انتظار تدخل عاجل من الجهات المسؤولة لإنهاء هذه المعضلة، يبقى الأمل معلقًا على صحوة جماعية تعيد لحسنية أكادير مكانتها، وللجمهور السوسي حقه في متابعة فريقه من قلب ملعبه، لا عبر الشاشات… ولا من مدرجات الغرباء.