إدريس أعدري.. المهندس الصامت وراء إنجاز أولمبيك الدشيرة التاريخي
الفار : متابعة
في عام كروي استثنائي، دوَّن نادي أولمبيك الدشيرة اسمه بحروف بارزة في سجل الكرة المغربية، بعدما حقق الصعود إلى القسم الأول من البطولة الاحترافية لأول مرة في تاريخه خلف هذا الإنجاز الكبير، يقف رجل بصمت وبعمل دؤوب استمر سنوات: إدريس عدري الذي يمكن اعتباره دون مبالغة أحد مهندسي هذا التحول غير المسبوق في مسيرة الفريق السوسي.
ادريس عدري وُلد سنة 1965 في حي الغياتن بالدشيرة الجهادية وبدأ تعليمه بها حيث تدرج في مؤسسات تعليمية معروفة بالمدينة، قبل أن يتخصص في شعبة الإلكترونيك ويتخرج من المعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية بأكادير سنة 1988.
لكن شغفه الحقيقي كان بالكرة المستديرة منذ شبابه والتحق بفريق أولمبيك الدشيرة، ارتدى قميصه لأكثر من عقد من الزمن خلال مسيرة امتدت من 1983 إلى 1996 وتميز بالأداء المنضبط والروح الجماعية، وهو ما جعله يحظى باحترام زملائه وكل من تابع مساره الرياضي عن قرب.
ما إن أنهى رحلته داخل المستطيل الأخضر، حتى بدأ فصل جديد في مسيرته، لكن هذه المرة من موقع التأطير وحصل على مجموعة من الشهادات الوطنية والدولية، التي فتحت له أبوابًا واسعة في عالم التكوين الرياضي، ليشغل لاحقًا منصب المدير التقني والرياضي للنادي وهو المنصب الذي أدار من خلاله التحول البنيوي داخل الفريق.
لم يكن دوره تقنيًا فقط، بل كان أشبه بقائد مشروع متكامل ،أشرف على رسم السياسات التكوينية، ووضع خطط العمل للفئات الصغرى وواكب عن قرب عمل المدربين والمكوّنين، بل وشارك في استقطاب اللاعبين بتنسيق مع الإدارة الفنية للفريق الأول.
سنوات من البناء الهادئ والصبور، بدأت تعطي ثمارها تدريجيًا، قبل أن تبلغ ذروتها في موسم 2024-2025 بصعود الفريق إلى القسم الأول.
ولم يقتصر النجاح على الفريق الأول فقط، بل امتد إلى الفئات العمرية، التي أثبتت بدورها أن ما يحدث في النادي ليس طفرة، بل نتيجة عمل مؤسساتي منظم.
أبرز تلك النجاحات، تأهل جميع الفئات إلى مرحلة البلاي أوف الوطنية، إلى جانب بلوغ فريق أقل من 18 سنة نهائي بطولة المغرب، حيث سيواجه نهضة بركان.
عدري ليس من هواة الأضواء لكنه يؤمن أن تطوير كرة القدم يبدأ من الأساس، من مدارس التكوين، من الانضباط، من التخطيط الطويل الامد واليوم بعد أكثر من عقد من الزمن داخل دواليب النادي، يمكن القول انه ساهم في خلق نموذج رياضي يحتذى به في منطقة سوس ماسة ويستحق أن يُدرَس.
إن إدريس عدري، بما يمثله من تجربة رياضية وتربوية، يظل أحد العلامات الفارقة في مشروع أولمبيك الدشيرة، نموذجًا للقيادة التقنية التي تُراهن على العمل وليس على الشعارات، والتي ترى في كرة القدم وسيلة للتربية والتنمية المجتمعية، لا مجرد منافسة رياضية عابرة.