ليفربول يخطف فوزًا ثمينًا من قلب باريس: دروس الانتصار الدفاعي

متابعة محمد لمودن 

 

في ليلة باريسية باردة كتب ليفربول الإنجليزي سطرًا جديدًا في تاريخه الأوروبي العريق، بعدما نجح في خطف فوز ثمين بنتيجة 1-0 على حساب باريس سان جيرمان في ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا. المباراة، التي أقيمت على ملعب “حديقة الأمراء”، لم تكن مجرد انتصار عادي، بل درسًا في الصمود والبراغماتية، حيث تحدى “الريدز” السيطرة الكاسحة لأصحاب الأرض ليخرجوا بنتيجة قد تكون حاسمة في مشوار التأهل.

 

 

منذ صافرة البداية، بدا واضحًا أن باريس سان جيرمان مصمم على فرض أسلوبه. الاستحواذ العالي على الكرة، الضغط المتواصل، والتسديدات المتكررة على مرمى ليفربول كانت عنوان الشوط الأول. لكن الحظ والدقة لم يكونا في صالح الفريق الفرنسي، إذ ألغى الحكم هدفًا لخفيتشا كفاراتسخيليا بداعي التسلل في الدقيقة 20، ليبقى التعادل السلبي سيد الموقف حتى نهاية الشوط.

 

في الشوط الثاني، واصل باريس هجومه المحموم، حيث وصل عدد تسديداته على المرمى إلى 10، لكن الحارس أليسون بيكر كان بمثابة جدار لا يُخترق. على الجانب الآخر، بدا ليفربول وكأنه يعاني هجوميًا، إذ لم يسدد سوى مرة واحدة على مرمى باريس طوال المباراة. لكن هذه التسديدة الوحيدة، التي جاءت في الدقيقة 87، كانت كافية لتسجيل هدف الفوز، وهو ما يعكس البراعة التكتيكية والتركيز العالي للفريق الإنجليزي في استغلال الفرص القليلة.

 

 

لا يمكن الحديث عن هذا الفوز دون الإشادة بحارس المرمى أليسون بيكر، الذي حصد جائزة رجل المباراة بلا منازع. تصدياته المتتالية أمام هجمات باريس، التي قادها نجوم مثل كيليان مبابي وكفاراتسخيليا، كانت بمثابة العمود الفقري لانتصار ليفربول. هذا الأداء يعيد إلى الأذهان دوره الحاسم في تتويج الفريق بلقب دوري الأبطال عام 2019، مؤكدًا أنه أحد أفضل حراس المرمى في العالم.

 

 

ما قدمه ليفربول في هذه المباراة لم يكن استعراضًا هجوميًا، بل انتصارًا للدفاع المنظم والهجمات المرتدة. المدرب، الذي يبدو أنه وضع خطة محكمة لامتصاص الضغط والرد في اللحظة المناسبة، أثبت أن الكرة الحديثة لا تعتمد فقط على السيطرة، بل على الفعالية. في المقابل، يطرح أداء باريس تساؤلات حول قدرته على ترجمة الاستحواذ والفرص إلى أهداف، وهي مشكلة قد تكلفه غاليًا في مباراة الإياب.

 

بهذا الفوز، وضع ليفربول قدمًا في ربع النهائي، لكن المهمة لم تنته بعد. مباراة الإياب على ملعب “أنفيلد” يوم 11 مارس 2025 ستكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة الفريق على الحفاظ على هذه الأفضلية. باريس سان جيرمان، بكل تأكيد، لن يستسلم بسهولة، وسيحتاج إلى أداء استثنائي خارج أرضه لقلب الطاولة.

 

فوز ليفربول اليوم ليس مجرد ثلاث نقاط أو تقدم في النتيجة، بل تأكيد على شخصية الفريق التي صنعت تاريخه الأوروبي. بينما يحتفل عشاق “الريدز” بهذا الانتصار، يدركون جيدًا أن الطريق لا يزال طويلاً. أما باريس سان جيرمان، فسيحتاج إلى مراجعة حساباته واستعادة توازنه إذا أراد مواصلة الحلم الأوروبي. “أنفيلد” تنتظر، والكلمة الفصل لم تُكتب بعد.

 

 

 

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.