الجماهير ليست خصمًا.. أنتم شركاء في بناء مستقبل الكرة!
محمد لمودن – موقع LVAR.MA
مع اقتراب انطلاق الموسم الجديد من البطولة الوطنية الاحترافية، يفرض الواقع علينا التوقف بجدية عند ظاهرة باتت تُهدد جوهر اللعبة وروحها: العنف الجماهيري، الخطاب العدائي، والممارسات اللامسؤولة داخل الملاعب وخارجها.
ما نشهده في العديد من المباريات لم يعد مجرد حالات معزولة، بل أصبح نمطًا مقلقًا من السلوك المنحرف الذي يغتال القيم الرياضية: أغانٍ تحمل شتائم وعبارات ساقطة، تحريض مباشر على الكراهية، عداء مفتعل بين جماهير الفرق، واحتقان ينتهي غالبًا بشغب وتخريب وسقوط ضحايا.
لقد فقدنا شبابًا في عمر الزهور لا لشيء إلا لأنهم اعتقدوا أن “الولاء لفريق” يمرّ عبر مواجهة جمهور الخصم، أو كسر مرافق الملعب، أو تحويل يوم المباراة إلى ساحة معركة. ما ذنب أمٍّ فقدت ابنها في مدرجات ملعب؟ ما ذنب طفل شاهد شغبًا بدل مباراة؟ كرة القدم وُجدت لتوحّد لا لتفرّق، لتُفرح لا لتُيتّم، لتبني لا لتهدم.
المؤسف أن هذه التجاوزات تحدث في وقتٍ حساس ومشرّف بالنسبة لبلدنا. المغرب مقبل على احتضان تظاهرات كبرى، من بينها كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، إلى جانب بطولات قارية وعالمية أخرى. نحن اليوم تحت أنظار العالم، وملاعبنا ستتحوّل إلى واجهة حقيقية لصورة البلاد، فهل نُريد أن نظهر بصورة الهمجية والفوضى؟ أم نثبت أننا شعب يستحق شرف التنظيم لأنه يرتقي بسلوك جمهوره قبل مستوى منتخبه؟
الرسالة اليوم موجهة أيضًا إلى مجموعات “الإلتراس”: دوركم محوري. لسنا في حاجة إلى مزيد من الحقد والشعارات الملتهبة، بل نريد منكم أن تكونوا قدوة ورافعة للوعي. نريد “إلتراس” يُربي قبل أن يُغني، يُنظم قبل أن يُشعل، ويُحصّن الشباب من الانزلاق نحو الغلو والتخريب.
نطالبكم بأن توجهوا طاقاتكم نحو البناء:
لا لكسر الكراسي والمراحيض والمرافق التي هي من مال الشعب.
لا للسب والشتم والتمييز الذي يزرع الفتنة ويُشوه المدرجات.
نعم للتشجيع الحضاري، نعم للأخلاق، نعم للفرجة العائلية.
لقد آن الأوان لنُعيد الاعتبار للمدرجات، لتصبح فضاءً للفرح، لا للحزن. ملعب الكرة ليس ساحة حرب، والخصم الرياضي ليس عدوًا. البطولة الاحترافية ستكون بالفعل محترفة، فقط حين تُصبح الجماهير محترمة وواعية ومسؤولة.
فلنُثبت للعالم أن المغرب ليس فقط بلد تنظيم، بل بلد رُقيّ، وأن جماهيره هي رأس ماله الحقيقي، لا عائق في طريقه.